الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة مسرحية «عقاب أحد» للمخرج غازي الزغباني: عـبـثـيّـة على مقـعـد عمومـي

نشر في  22 ديسمبر 2015  (13:59)

 بعد مسرحية «وزن الريشة» و«الرنديفو» و«الدرس» وغيرها، قدّم فضاء الأرتيستو نهاية الأسبوع المنقضي انتاجه المسرحي الجديد «عقاب أحد» وهو من إخراج غازي الزغباني وبطولة محمد حسين قريع وغازي الزغباني عن نص أصلي للكاتب الأمريكي إدوارد ألبي (قصة حديقة الحيوان).

وتتطرق المسرحية الى موضوع عبثية الوجود، فالحياة تحكم على البشر، في أغلب الأحيان، أن يعيشوا مهما كانت انتماءاتهم الطبقية، في عزلة قبل أن تفتك بهم الموت في لحظة قدر مجهولة..

على مقعد حديقة عمومية، تتدافع المعاني ومعها الأسئلة والحكايات لتقول الكثير عنا ولتعترف أيضا بعجزنا المريع عن التواصل مع الآخر وعلى كسر القيود التي تحيط بنا... 

وتنقل مسرحية «عقاب أحد» وقائع من لقاء خريفي جمع الموظف الإداري موّفق (غازي الزغباني) بالبوهيمي المهمش فرحات (محمد حسين قريع) بإحدى الحدائق العمومية..

يدأب موّفق على ارتياد الحديقة العمومية من أجل المطالعة بعيدا عن الأنظار حين يفاجئه فرحات مصرّا على أن يحكي له حكايته.. يتطور النقاش بينهما إلى حدّ التصادم والمواجهة إذ لكلّ منهما عالمه الخاص بضوابطه ونواميسه.. يعيش موّفق بين قضبان الرتابة والوحدة وأمّا فرحات فهو متحرر من القيود الاجتماعية، يعيش وحيدا أيضا على هامش المجتمع ويربط علاقة مع أحد كلاب حديقة الحيوانات...

ومن خلال المواجهة بين موّفق وفرحات، تطرح المسرحية عدّة تيمات على غرار الحريّة والوطن والحبّ وقيمة الفرد. وقد توّفق محمد حسين قريع في تجسيد دور البوهيمي الحالم الذي يحوّل تفاصيل حياته البسيطة إلى حكايات ضارية وحالمة، فيبدو محبا، شاعرا، فيلسوفا، مشاكسا مقابل موّفق هذا الذي اتخذ من الاستكانة ومن الركود مبدأ وحياة..

وهكذا يتواجه البطلان بعنف دافعين بالمتفرج للتساؤل حول معنى الحياة بين الرتابة والحيوية، وبين السكينة والانفلات، وبين القيد والحرية قبل أن تنتهي المسرحية بمقتل أحد البطلين وكأنّه يصعب علينا، نحن معشر البشر، أن نتعايش بسلام، مكتوب علينا سواء أن نموت، أو أن نعيش في عزلة، أو أن نتصارع ونتعانف إذا ما التقينا مع الآخر...

بقي أن نشير إلى الرؤية الإخراجية البسيطة والمميزة في آن واحد لمسرحية «عقاب أحد»، فقد تداخلت العناصر بين ديكور وأضواء ونص وممثلين مع بعضها البعض حتى يخال المتفرج نفسه جالسا في حديقة عمومية وقد نثر الخريف أوراقه بين الحضور..

في «عقاب أحد» تعمقت الأسئلة حول معنى الحياة وأُفرغت الصدور علانية على مقعد عمومي، أفليس من الضروري أن نتكلم ونقول ونحلم بصوت عال لنواجه عدمية الحياة؟

-تُعرض مسرحية «عقاب أحد» مجددا يوم السبت 26 ديسمبر بقاعة لأرتيستو الكائنة بنهج دمشق بالعاصمة.

شيراز بن مراد